2015/01/30

القرية الظالم أهلها...


إن من المضحك المخجل لو كنت ابدأ هذا المقال بسرد آيات و أحاديث و حكم و مقولات تنبذ الظلم و الظالم، تحث على العدالة و الحق، من المخجل أن يحتاج الإنسان كل هذه الأحرف و الكلمات ليذكر نفسه بسوء الظلم و تعجرف الظالم الذي نهايته دائمًا ما تكون سوداء مهما حاول من يشغل وظيفة تبيض الوجوه السوداء بأن يجمّل الظلم. 

في كل الأنظمة المؤسسية يكون القانون هو مصدر الرجوع لأي تنازع، و الكل يبجل هذه الأنظمة و ما وصلت إليها من أقله مستوى متقدم من العدالة، و يخفي عليه أن لولا وجود هذه -القوانين- لكانت مثل أي نظام مؤسسي يقتات على اسمه لا فعله المؤسسي الملموس. 
القوانين لا تأتي هكذا من عبث، هي نتاج فكر و عرف يشرعه مجموعة ليسري على من انتخبهم و من لم ينتخبهم على حد سواء، لهذا طالما كان السعي وراء المشرع المتخصص فيما يشرع، العالم للنتائج البعيدة و أثر ما شرع، و كتطبيق حي: ارجع لكل القوانين في الأعوام الأخيرة إن لم يكن جميعها هي نتاج رد فعل، شخصنه و محاولات لكسب الرضا من ذا و ذاك، كما لو أن فكرة القانون مرسخة لديهم -حالة مؤقتة- لاستفادة مؤقتة كذلك و استرخاص تام لما بعد ذلك، و أي مشرع لا ينظر للفكر المؤسسي أبعد من محط رجله لا يستحق أن تحاول حتى إصلاحه، البدائل كثيرة و متوفرة.

يمكنك اعتبار القانون محاولات لضبط النظام و العدالة، و كذلك هو طريق  لجعل الظلم قانوني و هذا اسوأ ما يمكن أن يكون للقانون وجود. 

الرجوع لأعوام سابقة قليلة يمكن ملاحظة تردي كل الأحوال هنا، و تردي بانحطاط و انهيار تام على جميع الأصعدة، إن ما نحتاجه هنا بشكل مستعجل هو دراسة من قبل مختصي من علم الاجتماع/الفلسفة/التاريخ/القانون/السياسة بشكل دقيق للوصول لحلول واقعية و متطورة تواكب كل ما يحدث و حدث في هذه الفترة، الأمر إن تجردت من عاطفتك سترى أن لا شيء يمكن أن يقبله عقلك و فكرك لمدى السوء و اللامبالاة و التفاهة المنتشرة، و كتطبيق حي على ذلك تجد هذا في تويتر حتى تجد من يحمل شهادة القانون و هو من يفتخر في ذلك تعريفًا عن نفسه و يكتب بانحطاط أخلاقي لا مثيل له و المبررات واهية. كل هذا التخلف مصدره نحن، نحن و كثير منا تربى و كبر على فكرة العبودية، لا بد من وجود ساده يحددون لك مصيرك و كل شيء متعلق في خصوصياتك -و أصبح الآن التدخل في تفاصيل الخصوصيات- و لا أحد يتكلم، لا فعل لا ردة فعل، الانهيار سريع دون أن نشعر. فكرة التحكم في المجموعة من شعب أو فريق عمل سهل جدًا في فرض مبدأ العبودية، دون احساس مباشر جلي، حتى أن ذلك يستمر دون أن يلاحظ أحد ذلك و يصبح سلوك، و هنا الخطر؛ أن تكون العبودية مثل فعل التنفس أو شرب الماء، كأن إن لم تكن عبد تكون لا شيء يذكر. 

في الكويت و حتى لا نقلل من قيمة أحد -شخصيًا- أو حتى نقسم البشر لانتماءات وهمية، كل المعتقلين كل المتهمين كل من سجن، كل من ابتلى عليه، كل من ذهب طواعية،كل من استغل ذلك لمنافع أخرى،كل من سرق و هو حر في بيته.
هؤلاء جميعهم نحن في دائرة المسؤولية لهم و عليهم، المجتمع ركيزة في بناء العرف و المعرفة، يبدأ كل ذلك في الرفض ثم التخطيط لعمل مخلص لا يفرق أو ينبذ مجموعة ما لأي سبب كان-هذا صعب جدًا في الكويت للأسف لأن كل من يدعي المدنية دائًما ما تجد حدث يكشف هشاشة الفكر-.
في كل المراجع التاريخية المتنوعة، لا شيء تسعى له دون ثمن، و يختلف الثمن باختلاف رد السلطة المعنية في الأمر و لطالما كان للسلطات فكرة -الكرامة- و عزة النفس، و لا تدرك أن لولا الشعب و من على البقعة هذه لما كان وجود لأي سلطة باعتبار الشعب أحد ثلاث مقومات قيام الدولة.

يتغنى الجميع بفكرة وجود القانون هنا، القانون موجود متوفر لكن ما هي آلية تطبيقه؟ التعسف في استخدام الحق، خطأ فادح و ثمنه غال و يخلق حالة من الهلع و الاضطراب على مدى بعيد لا يمكن حتى التخلص منه بسهولة، و القاضي ملزم بنص القانون، لكن ما قبل القاضي و كل تلك الإجراءات التي يتعدى الكثير من صلاحياته المحدودة، على كل من يسعى لدولة مدنية الاطلاع على القوانين و التساؤل الدائم حول الاجراء و التطبيق مع مقارنة بينهما، و قبل كل شيء معرفة ما هو لك و ما هو عليك، و إن استمرت المعرفة في ذلك سوف يتغير الكثير و لن تبقى هذه الخطوط السوداء تدور تصنع لك كرة فارغة تمامًا.

المحزن في كل ذلك أن ترى كل شيء و ليس لديك أي سلطة لفعل خيّر، و لهذا نكتب و هذا أقل شيء يمكن فعله، بل حتى أصبح كل منا لا يرتاح لا من حياته الشخصية و لا على المستوى العام و هذا كله ما يجعل المشاكل اليومية تنشر في الشوارع و الوزارات و المجمعات، هناك عدم أمان حقيقي، و الإنسان حين يشعر بعدم الأمان و الاستقرار يتحول دائمًا لوحش يدافع عن كيانه و يهاجم كل من يقترب و إن كان حسن النية، و عدم الأمان يصيب و أصاب الكثير حتى مع اختلاف المراكز القانونية و إن أنكروا ذلك بكلام منمق و أدعية مكررة. 

لا أعلم، يبدو أن لا شيء سوف يتغير للأفضل، و لست من محبي فكرة حدوث أمر خطير مثل -الغزو- ليعود الجميع للحفاظ على الوطن و ما إلى ذلك من كلام هواء.
الأحداث الخطرة فرصة سرقة و هروب، فكرة ترسيخ وجود البقعة المؤقتة و هذا بحد ذاته كابوس مرعب جدًا.


ليست هناك تعليقات: