2015/04/21

شرع الضمير

مهما تعددت أساليب تهذيب الإنسان تبقى هي عوامل مساعدة للتوصل لمنظومة شاملة من القيم التعاملية و السلوكية. أما وعاء كل ذلك هو الضمير. الضمير هو شرع الإنسان، و في كل فرد يبقى الضمير حي طالما كان دائم العمل لا ينفك أن يشغل حيزه بما يجعله في حالة نقاء، مع هذا التغير السريع في الأحداث و عدم توافر وقت لعمل مرحلة تنظيف لكم هائل من الماديات و الأقنعة الظاهرية يلجأ الإنسان للحيل ليذهب تصوره أن كل شيء على أحسن حال.
يركن البعض للأديان ليجعلها هي الحكم على ما يأتيه من مسائل تحتاج دائمًا الرجوع لصندوق أمان، والآخر يبحث عن تعاليم منهجية لضبط سلوكه و كذلك من يرى الحاجة لوجود نظام مؤسسي يتولى العقوبات لتنظيم و تقنين كل السلوكيات التي تنحصر في مفهوم -الشر- و تشجيع على الخير المنقطع و الوافر منه.
يبقى الضمير هو البُعد الذي يهابه الجميع لأن ما يترتب من آثار عليه تكون لصيقة لا يمكن الهروب منها و إن أُعتقد إمكانية الهرب،لكن ماذا لو كان للإنسان المقدرة على وضع شرع أخلاقي-قيمي لرحلته؟
يبدأ في مساحة تأمل و خلوة فعّالة لفهم الذات الإنسانية بعيدًا عن المؤثرات التي تخلق حواجز بناء قوية على الهدم، في التأمل تكشف عن حالة تفكر نقدي حقيقي على كل طارئ و كل راسخ لتجرديه من كل حاجب.
تأتي المعرفة التي تنتج عن الإطلاع و القراءة بنية قوية للإنطلاق بعيدًا عن المساحة المحتجز بها الجسد و تواجده الواقعي، باحتمالات اللقاءات المتنوعة بالمختلف، المختلف ظاهريًا و باطنيًا، الدخول للتفاصيل البشرية من مشاعر و أفكار و تأكيد الروابط التي تربط الجميع من مبادئ و قواعد أساسية في الحياة: الحرية بكل ما تحتويه من أنواع أصيلة و تقيسمات متوازنة للجميع، للفرد و للمجموعة.
لا يحتاج الإنسان إلى للوقت للتعلّم على حركة الضمير، للوقوع للارتفاع، للخطأ و للدروس، لكل الاحتمالات الممكنة و المستحيلة، فإما تتلاحق على الوقت المتبقي أو تلجأ لخلق متحكم آخر يفرض عليك أحكامه التي تسيرك دون مسؤولية فكرية منك، تتحول إلى آلة تستخدم وفق لدليل تعاليم انقضت فعاليته مقارنةً لآلة متقدمة عن الخطوات المكتوبة مسبقًا.
كل ضمير يحتاج إنعاش من وقت لوقت يبقى نبضه في حالة عمل -دائم-، و ما إن حكمت الأمور لضميرك كان هو كل خير. 

2015/04/16

المواطنة/ باب المدنية الأول

ربما إن أردت حشو كلام و مصطلحات دون معرفة يمكنك الرجوع لكتب و مقالات لا قيمة عملية و لا فكرية لها تحدثك عن المدنية.
الدولة المدنية أساسها -المواطنة- هي الباب الأول لبداية المدنية و انتهاك المواطنة لا يعني سوى أن الدولة بعيدة جدًا عن "المدنية" مهما صورت لك أنها مؤسسة قانونية مؤسسة عادلة مؤسسة نظام. 

سيادة الشعب و مبدأ فصل السلطات و ذلك على الشق المدني/السياسي، و المدني/الاجتماعي يرتبط ارتباط تام مع السياسي إن تمعنت جيدًا و لا ينفك الارتباط أبدًا خاصة في مسألة الحريات، الفردية و العامة، و حرية الرأي يخشى منها كل من له سلطة عليا، و يزيد ذلك إلى الجانب السلبي إن كان ظالم في ذاته، لا يقيم شيء على ميزان العدل.

المواطنة ليست ورقة تسحب و ليست شعارات و لا مؤتمرات استعراض، المواطنة تكمن في الحقوق و الواجبات و في كل التشريعات تأتي الحقوق قبل الواجبات، الارتباط الشرطي في الحقيقة هو ميزان العدل لأن هي مسألة عقد لا أكثر، العواطف لا قيمة لها إن أردت على الأقل أدنى مستوى من العدل و القيمة الحقيقية لوجودك الحالي و المستقبلي. 

2015/04/15

احتمالات التعلّم بمنفعة و سذاجة

التعليم في الكبر، هو الحالة الأكثر تعبًا و الأعمق معرفة. 
طالما سمعنا بل كان و ربما مازال الكثير مؤمن بأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، الحجر لذاته مثير، لا يحتاج لنقش لا يحتاج لتدخل هكذا على خصوصيته، لا يحتاج الحجر بأن يكون بصفة -المحتاج- دائمًا هكذا. و النقش ليس دائمًا حالة جمالية، احتمالات أن يكون شيء عرضي مزعج قلق احتمال كبير.
كانت مراحل التعليم كلها ممتازة، ضمن الخمس الأوائل، كاد أن يستمر ذلك، و لا شيء مقدر له الاستمرار في هذه الحياة، لا أعلم لماذا يصر البعض على أهمية التعليم بربطه بالتفوق الدراسي، لا أذكر مادة واحدة كانت درجتي بها امتياز قد استفدت منها شيء، بشكل حقيقي و فعلي، ربما الحسنة الوحيدة أني كنت أبحث في الكتاب المنهجي عن شيء يثير اهتمامي و اقرأ عنه خارج المدرسة و المنهج و استمر ذلك حتى لم يعد للدراسة المنهجية أي طعم سوى أنها وسيلة للحصول على صك الغفران للمضي في الحياة، ناهيك عن المعاملات الإدارية المزعجة و أنت تجاوزت كل ذلك و تصطبر على كل ذلك بأمل قادم و ذلك التفاؤل الذي يبني فيك النور بشكل ما.
في هذا العمر و المسؤوليات و الاهتمامات يضيق بك الفكر المنهجي في التعليم، تختنق و مع ذلك تستمر في التنفس عل باب هواء عابر يصيبك و تخطو لما بعده، و الأسماك حولك كثيرة، لا شيء منها يجذبك، لا شيء يشبهك، بارتفاع و انخفاض كل الأمور تجري و لا تعلم بأي طريق ينتهي كل ذلك، ألا يمكن أن ترى العقل من قبل بصيرتك و تريحني من ذلك الملل الذي يصيبني و أنا في قاعة لا أنتمي لها روحًا؟ 

2015/04/12

محاولات: شيء يضيع

أحيان إن لم يكن غالبًا في كل ليلة قبل محاولات النوم، أتفكر بكل شيء قرأته، بكل موقف مررت به، متجردة من كل شيء مع ربط كل شيء كما لو أن كل شيء لا يعلم شيء مما حصل. هذا الفعل متعب حتى تشرق الشمس و يضيع الوقت من جديد.
 
دائمًا تظن بأن هذا الموقع في هذه البقعة ليس ما هو مقدر لك، تبحث عن أماكن أخرى لتكون أكثر من مجرد اسم، أكثر من آلة تعمل، أن تعيش و أنت مدرك أنك حر، حر بأن يكون شكلك ما تحب، تأكل ما تشتهي، تختار ثوبك متى ما أردت و تتركه متى ما أردت كذلك، تتفرد برأيك دون خشية من سجن و كذبة العادات و التقاليد، أن تكون بسيط، بسيط جدًا، بعيد عن كل شيء يسرق منك وقتك و جهدك، حوارات ساذجة، أفكار هشة، مشاعر خداعة، صحة متدهورة، تعليم سيئ، موسيقى رديئة و دخان كثيف. تختنق كما لو كل هذا بلونة محكومة الإغلاق و أنت بها تبحث عن منفذ، عن نور..

الخطايا كثيرة في هذا العالم، لكننا لا نذكر شيء منها إن كانت ملك لنا، و تبقى ذاكرتنا تعمل إن كانت لغيرنا، إن كل شيء لمصلحتنا هو الصحيح ما عداه تبريرنا له جاهز و جدي جدًا. اترك كل الخطايا و امضي..
الكتف مثقل بما يحمله من حمل مسبق، الثقل يكسر لا يجبر.