2016/03/20

لطائف/ إلى حبيبتي

أتعلمين يا أمي أني حزينة؟
أتعلمين يا أمي أني فرحة؟

أتعلمين يا أمي أن حقيبتي تحمل الأمل فيها و أني أمضي بصمت؟
أتعلمين أني حين أكون كئيبة أنزوي على نفسي حتى لا ترى عيناك عيني؟ أتعلمين أني حين أكون فرحة أنعزل عن كل شيء لأفرح وحدي و بسبب فرحي؟ أتعلمين يا أمي أني بعد عزلتي أتيك أضمك لصدري؟ 
أتذكرين قبلاتي المفاجئة؟ ضحكاتي دون سبب؟ التحرش بوجهك الذي يحمل تجاعيد رحتلك التي أفتخر بها؟ أتذكرين محاولات صدك لي ثم تضحكين كطفلة خجولة؟ أطير... أطير فوق السحاب أنا.

أتعلمين يا أمي المرض الذي أكل روحي و جسدي؟
أتعلمين يا أمي كم أخفيت عنك الخذلان الذي مارسته الحياة علي؟
أتذكرين أني الوحيدة التي لا تأخذ الشكوى لك؟ 
أتعلمين أني أحميك من قلق الأمهات الحقيقي و المفتعل؟ 
أتعلمين أن إطراء الناس لي هو اعتباري نسخة من لطفك و جمالك؟
أتعلمين كم أخذت منك قوة تحمل؟
أتعلمين أني لا شيء دونك؟
أتعلمين اليوم حين رأيتك صباحًا كنت سعيدة جدًا؟
أتعلمين وجدت ضالتي صدفة؟ و لم أقل لك شيء؟
فقط قبلت خدك و سألتك لماذا مستيقظة في هذه الساعة المبكرة؟
كنت فقط أريد أن أسمع صوتك؟ 
تسأليني لماذا أنا مبتهجة؟ 
 لا شيء محدد، هكذا أسمعتك. 
كنت موصولة للسماء عند الغيم قبل أن أرى وجهك اليوم
وصل السماء يا أمي جعلني أشعر في الحياة من جديد.
ذابت روحي اليوم، كسرت بعض قيودي 
أرايت ما الذي أراه إنجاز؟
أتعلمين يا أمي؟ 
الحديث البعيد كنت أسمعه بعيني و أراه بقلبي
نسمة باردة نسمة دافئة كنت بينهما
أتعلمين أني أحبكِ؟ 
فقط. صلِّ لأجلي.. أنا مؤمنة أن صلواتك مُجابة.

غمر/ لطفك الباهي

في طريق سفر طويل 
تلك الوجوه المترقبة
الفرحة الحزينة
المملوءة شوق و المملوءة خوف
الحالمة في الصعود للسماء للوصول
لفتح باب جديد و غلق القديم
كل الحيرة تشتعل كلما اقترب موعد الهبوط
بين اعتيادك و بين هروبك الفردي
تضمك الصدفة...
تتحول من حجر قاسٍ إلى غيمة 
تشعر بألم معدتك من الكلمة الأولى
الألم اللطيف الذي تفتقده 
اعتاد جسدك على الألم المتلاطم عليك
يزيح اللطف كل ذلك بفعل واحد بسيط... بسيط
كان اللطف حولك و يسعى لك لكن لم يكن أي لطف يخترق ذاتك
هذا اللطف تجاوز كل ذلك
يبقى بك الجزء القلِق حي
تحاول إسكاته... اللطف أحق و أبقى
فما هي الحياة؟ وقت يتسارع 
تبقى أنت في دائرته
حتى تفتح الانغلاق في دائرتك 
ليتردد عليك اللطف 
و أي لطف هذا؟
نعمة السماء بين يديك..
أحتاج وقت... تلّطف علي بذلك
و لك مصدر اللطف كله يستقر بين فؤادك و عقلك و كل ما تبقى
ينادي الرجل بهدوء علي لأتحرك.. وصلت الأرض
أما ذاتي معلقة.. معلقة في السماء و في حُسن اللطف الذي غمره بي.


في ذكرى مارس 2016 لعمرٍ قادم

شجرة

أمر عليك شعور التوازن بعد حرب طويلة من حالات متعددة و مستمرة؟
حزن شديد
كآبة يومية
جَلد دائم
و توهان.. توهان حقيقي
تنطوي لعالم خاص محدود 
تتصارع لوحدك و بصمت
لتبقى على قيد الحياة
ذلك القيد الذي تريده 
حتى أنك تخشى الموت مرتين
تقاتل و لا أسلحة لديك 
تقاتل بجسدك و تنجرح 
تسقط.. تقف من جديد
وسط أسهم من الأرض و السماء
من الأقصى و الأدنى
تقف... لا يهمك 
لديك روح مقاتلة... كأنك ولدت بذلك
تحاول و تحاول و تحاول
وحيدًا.. لا صديق لا رفيق
كأنك شجرة ثابتة 
تتساقط أوراقها و لا تعتل جذورها

2016/03/14

السذاجة في فهم العلمانية


كتب جيل دولوز: "لا ينبغي البحث عمّا إذا كانت فكرة ما صادقة أو صائبة. ربما يلزم البحث خارجاً وفي مجال آخر، عن فكرةٍ أخرى مغايرة، بحيث يسري بين الفكرتين شيء ما، لا هو في إحداهما و لا هو في الأخرى".

مفهوم العلمانية أصبح يشكّل حالة قلق ممن يتبنى الفكر و ممن يعارضه، المسألة أصبحت لا تعدو سوى أنها تعبير عن حالة شخصية-نفسية-اجتماعية للمتحدث من الطرفين، كما لو أن المفهوم محصور تمامًا في حالة فردية، لا في نظام مؤسسي قائم على أساسات الحرية و مقومات العدالة، و لتفكيك الإشكالية -البسيطة- التي يفترض إنها ليست ذلك خاصة للمتخصص.

تقف العلمانية في الحياد اتجاه اختيارات الأفراد الشخصية من معتقد و دين و اتجاهات فكرية و اقتصادية و سياسية و كذلك اجتماعية، العلمانية هي الوعاء الآمن للأفراد من بطش المؤسسة و من مزاجية الأفراد على حد سواء، مساحات الحرية متوسعة بها، في النظام المؤسسي يؤخذ الدستور هو المصدر للتعامل في نظرية العقد بين السلطة و الشعب، و الحفاظ على كرامة الإنسان ( المواطن و المقيم ) في التعامل المؤسسي، و في التعامل بين الأفراد الخاصة، أن تقوم المؤسسة على قيم المواطنة في الحقوق و الواجبات مع ضمانات تحفظ لكل ذي حق حقه من اجراءات عامة و خاصة مثل درجات التقاضي و المحاكمات العادلة.

أما في تعامل الأفراد تقف على ما يتم الاستناد عليه من الأحكام الدستورية و ضماناتها في تبيان قيمة الإنسان قبل كل شيء، و قيمته تأتي في حفظ حقوقه مقابل الواجبات عليه، كذلك هو فكر يقوم على مبادئ العدل و المساواة دون النظر للأمور الثانوية المفترض بها متنوعة من أصل و اسم و انتماء ديني و انتماء سياسي.

العلمانية أصبحت مبتذلة في تطبيق بعض الحمقى لها، يحصرون العلمانية في الجانب الديني و الاجتماعي فقط، كأن الإنسان مخلوق ديني بحت و مريض اجتماعيًا، هؤلاء نقطة سوداء في نشر العلمانية و تطبيقها، حتى أصبح التخوين و التقليل من الكرامة و الشأن الإنساني سمة مشتركة بينهم بحجة لا حرية لأعداء الحرية، هم يرون أن المختلف عنهم عدو لحريتهم، و يغضون الطرف عن مسبب هذه الحالة في المؤسسة، تسطيح هذه المسائل دعوة للتخلف المجتمعي و الفردي.