2015/08/21

حكايا: زيارة منقطعة

الواجب الأخلاقي:

في كل المهن يتصارع الإنسان بين ما حوله و بين قيمه الأخلاقية و بين واجبه الأخلاقي كذلك، ربما تقرأ ذلك و يمر عليك الإدراك مرور عابر لأنك لا تدركه كمعنى و ربما لأنك بعيد في الحالة المعينة. و أن تكون طبيب معالج و يصارع أمامك إنسان على شفير الهاوية و تسمع له لكنك لا تسمع لأن عينك قبل أذنيك مشغولة في النظر للساعة، يدك مهرولة لوصف علاج تعلم أنه مجرد روتين تمارسه لتكتب عن أسماء و وصفات زائفة للهدوء و السكون و يراها من أمامك العلاج السحري لحالته ثم يخبرك بلطف بأن كل هذا مؤقت للسكون و أنه يحتاج حل حقيقي ينهي التوهان واللانهاية الذي يمر به هو، بسمة شفقه يرسمها لأنه هو بذاته عاجز و يعلم بأن الحالة المؤقتة هي حالة مستمرة لا تنتهي، و بعد ذلك دقائق من تواصل في الأعين بصمت، ليعود الروتين ذاته علاج جديد، تنبيهات للطوارئ و كل ذلك، حتى أنك حفظت الحديث جيدًا لتكراره، و ما هو الواجب الأخلاقي هنا؟ 
أن تخبره بصوتك لا بنظراتك أن لا علاج حقيقي، كل ذلك هو غطاء هرب و واقي إن اشتد القتال عليه إعوج. ثم لتهرول يديك كما تريد، و ليمضي هو لصراعاته وحيدًا، معتمدًا على جرعات تمده بلحظات صفاء، و على يقين بأن عودته قريبة لتكرار كل ذلك من جديد.

2015/06/27

الشهيد الصادق

الإنسان حين يشكو من شيء ما أو يصيبه جلل يميل في مرحلة ما إلى إنكار ما يمر به  و لذلك تحليل مفصل من حيث الأسباب و النتائج و هذا في الحقيقة أمر طبيعي و مرحلة من مراحل التخلص مما يعيق الإنسان حتى يتجاوز كل ذلك، أما الإنكار في النظام المؤسسي ليس بالشيء الطبيعي خاصة إن من مقومات المؤسسة التنبؤ بالأحداث وفق المعطيات المتاحة و الأحداث الداخلية و الخارجية في الحدود القريبة و البعيدة.
داعش من وقت طويل ( طول الوقت هنا عامل مهم في مسألة التنبؤ و التجهيز) تمارس جرائمها في الدول المجاورة و في حدود قريبة جدًا أولها المملكة العربية السعودية و البحرين و العراق و على مسافة أبعد نسبيًا سورية و باقي المناطق، و لهذا في النظام المؤسسي توزيع الأدوار و الأعمال له قيمة فعلية في تحقيق الهدف من وجود النظام المؤسسي الذي يبدأ أولًا دون تردد في مسألة الأمن ثم مسألة الحرية و ما عداه يمكن اعتباره شيء ثانوي خاصة أن كل ما هو بعد ذلك يتطور على مسألة -الأمن و الحرية-، لفهم ذلك و دور كل إدارة هو وجود وزارة "الداخلية" في المسائل القريبة، و وزارة "الخارجية" إلى المسائل الأبعد.
الهدف من إنشاء وزارة الداخلية هو: توفير الأمن ثم التنظيم و ما ترتبط فيه من أمور لا تنفك نهائيًا عن -الأمن-، و في السنوات الماضية لم يكن للداخلية دور عملي تطبيقي في مسألة الأمن الحقيقي لا الوهمي، بقيت الوزارة و من فيها يركزون على المسائل التي إن صحت مقارنتها في الأمن الحقيقي مسائل يمكن أن تعبر دون أن تكون هي الشغل الشاغل لوزارة و أفراد على مختلف مستوياتهم الفكرية/الاجتماعية/السياسية، أصبح الجزء الأكبر من الوزارة مجرد تحصيل مخالفات و قرارات عشوائية و القاء قبض دون أي مسوغ قانوني ( هذا لن يفهمه من تحركه عواطفة على كل حال )، و أصبح الهاجس "السياسي الداخلي" هو محرك الداخلية الأول رغم أن كل من عارض الدولة كإدارة كل ما فعله ببساطة هو تعبير عن رأي، لا شيء أكثر حتى أصبح تركيز الداخلية على رصد الآراء السياسية و اعتبارها تهديد و محاولات زعزعة نظام و اخلال في العلاقات مع دول الجوار ( التي لم تحرك أي ساكن اتجاه مواطنينها إن عبر أيًا منهم على رأيه -الشخصي- و حتى الفكري و الديني و المذهبي اتجاه الكويت ) و أصبح التحرك من قبل الداخلية على أن الخطر هو من رأي، و غضت البصر عن بعض متصدري الساحات ممن يسمى رجل دين/نائب ديني/و بعض العقول و القلوب المتعفنة فأصبحت الكويت هدف سهل لمرضى و ارهابيون داعش و غيرهم ممكن يأخذون الدين و المذهب حجة و طريق لكسب العطف و ترقيع فشلهم و سفالتهم.

خسرنا اليوم أصدقاء و أحبة و خسرت الكويت كل ذلك، و لست من محبي المثالية و كتابة دعوات عاطفية "مؤقتة"، و من هو قريب مني يعلم جيدًا أني لا أقيم احترام سوى للإنسان مهما كان انتماءه الديني و المذهبي، السياسي و الفكري، الوطن و الجنسية، و لا يهمني من كل ذلك سوى الإنسان، الدعوات العاطفية و شحن العقول و القلوب يأتي من السذج، و الساذج هو الخطر، يتم تجنيدهم فكريًا و هذا خطأ المؤسسة و خطأ المجتمع المدني و خطأ كل فرد على هذه الأرض كان مواطن أم مقيم، عدم الرفض و السكوت السلبي و التعليم و التربية و رسائل السلطات هي دافع و مشجع لتكاثر السذج و تبسيط الميل للإرهاب الفكري الذي لا يجنى منه سوى القتل المعنوي و المادي، كم مرة خرج لنا تافه و ساذج يشجع داعش بطريقة غير مباشرة و هناك من تعدا الوقاحة و اتخذ التشجيع المباشر و لم يتصدى له أحد، كل ما في الأمر كتابة أحرف مملوءة سخرية و كوميديا و ينتهي الموضوع، و لم تحقق الداخلية في ذلك، 
و في المواجهة و لعدم الإنكار هناك تبعات على ما حدث سواء من منظمات مدنية و من سياسة دولة و من قيم فردية، الكويت تجاوزت الكثير و أعلم في قرارة نفسي أن كل هذا سوف تتجاوزه الكويت، و التجاوز ليس هو المهم، فالأهم هو تقليل آثار ما يحدث، لأن هذا الذي يبقى و هذا الذي يجب العمل عليه أما التجاوز يأتي بلا شك بعد ذلك و للتوصل لأدنى الخسائر البشرية و المادية و القيمية و الإيمان بمؤسسة قادرة على التماسك مهما بدا الأمر من الوهلة الأولى بصعوبته.

و في سياق الأمر ذاته، ليس تقسيم الانتماءات الدينية/المذهبية/السياسية بخطأ، و من يتعمد ذلك هو في ذاته يقسم الناس في التعامل السلوكي و المواطنة و الحقوق المدنية على ما يراه مناسب، تقليل قيمة الانتماء ظاهرة منتشرة و هذا ليس بأمر صحي على المدى البعيد بل نتائجه أصبحت واضحة الآن، و من السذاجة محاولات محو الانتماءات بحجج وطنية، فالمواطنة رقم واحد هو احترام ما يعتقده و يؤمن به الآخر من معتقد أو فكر طالما أن ذلك لا يشكل خطر على الأمن أولًا. و هذا ما لم يستوعبه ممن يأخذ ردة فعله بمجرد معرفة ما هو حق من حقوق الطرف المقابل.

صلاتي لمن فقدنا من أحباب و لعوائلهم الكريمة.
تحية احترام و محبة لكل من تبرع بالدم و شارك بإسعاف الجرحى و نقل الشهداء و احترام خصوصيتهم و نشر كلمة خير و مشاعر شفقة لمن اتخذ من هذه الحادثة الإرهابية مرتع ماشية لبث أمراضه و أفكاره الهدامة.

2015/06/08

توهان الفرد بين المؤسسة و المجتمع

في فهم مصطلح النقد أن تفنّد ما يمر عليك و وضع المشكلات الحقيقية مع توافر الحلول، و في خصوصية الكويت أننا لا ندرك المشكلات و الحلول متاحة و لهذا يبقى الحال على ما هو عليه دون أي تقدّم و تطوّر بل العكس تمامًا، تبدأ المشكلات في التعليم بحكم أنه البناء الأول للإنسان و كل ما بعده يمكن أن يعتبر عوامل ثانية و ثالثة، المناهج تعتمد على كمية معلومات لا معرفة، من المرحلة الإبتدائية حتى الجامعية و هذا أمر محزن جدًا، الغالبية ممن لم يتلاحق على تعليمه الذاتي سيكون آلة طباعة للمعلومات القديمة و دون معرفة قيمية فعلية. الجانب الاجتماعي هو الطامة الآخرى فالجميع يرى أنه مظلوم و مع ذلك يرى أنه الأفضل و في تقسيم ذلك في مسائل: من أتى للكويت أولًا و هذا ليس في حالة تمييز إن كنت تؤمن بالمدنية و العلمانية، و في صك الغفران للوطنية و هي -الجنسية- و تصنيفاتها بدرجات: ( أولى تأسيس-تجنيس/ثانية/رابعة/خامسة/سابعة..الخ) و جعل ذلك مبدأ مقترن بمدى الولاء و المواطنة، و لم يتم التخلص من هذه العقد التي تغذيها السلطة بما يتناسب للحفاظ على سيطرتها السلبية حتى افتتح باب سحب الجنسية و إسقاطها دون أي تصريح رسمي على الأسباب و استخدام الجنسية -لوي ذراع- للكسب و الاستبداد، و ادخال كمية فوضى لفوضى سابقة ضمن عقليات تدير و تعيش على احترامك فقط على ما ورد في ورقة جنسيتك، و كذلك زج هذه العقليات في صراعات جانبية مثل مسائل المذاهب و الأديان بحكم أن الغالبية جمهور عاطفي ساذج، و دمج كل ذلك في قضايا إزدراء لشغلهم عن أهمية الاستقرار السياسي، مع قصور كلي في إدراك أن الدولة -الصحية- تمتلك معارضة و تمتلك كذلك مؤيدين فهذه حالة توازن لا تخلو منها أي مؤسسة تقوم على أدنى درجات الديمقراطية و المدنية و الحد من التفرّد، و في مسألة المعارضة هي معارضة هشة تقوم على أساسيات شخصية مصلحية -مؤقتة- مع بقاء الفكر القبلي/العوائلي و خشية النقد و نقص في فهم أبسط العلوم السياسية و فلسفتها و اعتبار المؤسسة حالة مؤقتة رغم أن الإدارة هي الأحق بذلك لا المؤسسة، و في الكف الآخر اعتبار الطموح و النقد لذلك هو -خيانة- و محاولات للتخريب و عدم الاستقرار بحجة توافر حقوق بديهية باعتبارها -منّة- أحيانًا عليك تعليم الناس معنى الحقوق الطبيعية جيدًا قبل البدء بالحقوق المترتبة على الأصيلة منها، محاولات الاصلاح تبقى محاولات، و تفكيك المعنى الحقوقي لمصالح شخصية و درج -فش خلق- لا يعدو سوى تبيان ضحالة الفكر و الإدراك، لا أحد يقبل النقد لعمله لأن عمله -شخصي- في الأصل لهذا يرى كل رأي هو إهانة و مجرد الملاحظة يتضح لك كل ذلك حتى دون أن ترتدي نظارتك، الصراعات هذه التافهة ستكون مصدر قوة لمزيد من التخلف و مزيد من تقييد الحرية الاجتماعية/السياسية/الاقتصادية و توسعة للسجون و تردي الأوضاع أكثر و أكبر. و مع كل هذه المآسي تعيش في مجتمع و بين أفراد عنصري بغيض، مرفه حد التفاهة يرى راتبه الشهري قبل حريته و يرى السجن بيت لمن يخالفه، و يخدع نفسه بالتخلص من ظلم و جور و ذل باستبداد باسم جديد طالما أنه من يذله و يعتبره حثالة و خائن لا يظهر له -قولًا- ذلك.
حاول أن تنقذ ما تبقى منك  فلا شيء يظهر لك منفذ نور.

2015/04/21

شرع الضمير

مهما تعددت أساليب تهذيب الإنسان تبقى هي عوامل مساعدة للتوصل لمنظومة شاملة من القيم التعاملية و السلوكية. أما وعاء كل ذلك هو الضمير. الضمير هو شرع الإنسان، و في كل فرد يبقى الضمير حي طالما كان دائم العمل لا ينفك أن يشغل حيزه بما يجعله في حالة نقاء، مع هذا التغير السريع في الأحداث و عدم توافر وقت لعمل مرحلة تنظيف لكم هائل من الماديات و الأقنعة الظاهرية يلجأ الإنسان للحيل ليذهب تصوره أن كل شيء على أحسن حال.
يركن البعض للأديان ليجعلها هي الحكم على ما يأتيه من مسائل تحتاج دائمًا الرجوع لصندوق أمان، والآخر يبحث عن تعاليم منهجية لضبط سلوكه و كذلك من يرى الحاجة لوجود نظام مؤسسي يتولى العقوبات لتنظيم و تقنين كل السلوكيات التي تنحصر في مفهوم -الشر- و تشجيع على الخير المنقطع و الوافر منه.
يبقى الضمير هو البُعد الذي يهابه الجميع لأن ما يترتب من آثار عليه تكون لصيقة لا يمكن الهروب منها و إن أُعتقد إمكانية الهرب،لكن ماذا لو كان للإنسان المقدرة على وضع شرع أخلاقي-قيمي لرحلته؟
يبدأ في مساحة تأمل و خلوة فعّالة لفهم الذات الإنسانية بعيدًا عن المؤثرات التي تخلق حواجز بناء قوية على الهدم، في التأمل تكشف عن حالة تفكر نقدي حقيقي على كل طارئ و كل راسخ لتجرديه من كل حاجب.
تأتي المعرفة التي تنتج عن الإطلاع و القراءة بنية قوية للإنطلاق بعيدًا عن المساحة المحتجز بها الجسد و تواجده الواقعي، باحتمالات اللقاءات المتنوعة بالمختلف، المختلف ظاهريًا و باطنيًا، الدخول للتفاصيل البشرية من مشاعر و أفكار و تأكيد الروابط التي تربط الجميع من مبادئ و قواعد أساسية في الحياة: الحرية بكل ما تحتويه من أنواع أصيلة و تقيسمات متوازنة للجميع، للفرد و للمجموعة.
لا يحتاج الإنسان إلى للوقت للتعلّم على حركة الضمير، للوقوع للارتفاع، للخطأ و للدروس، لكل الاحتمالات الممكنة و المستحيلة، فإما تتلاحق على الوقت المتبقي أو تلجأ لخلق متحكم آخر يفرض عليك أحكامه التي تسيرك دون مسؤولية فكرية منك، تتحول إلى آلة تستخدم وفق لدليل تعاليم انقضت فعاليته مقارنةً لآلة متقدمة عن الخطوات المكتوبة مسبقًا.
كل ضمير يحتاج إنعاش من وقت لوقت يبقى نبضه في حالة عمل -دائم-، و ما إن حكمت الأمور لضميرك كان هو كل خير. 

2015/04/16

المواطنة/ باب المدنية الأول

ربما إن أردت حشو كلام و مصطلحات دون معرفة يمكنك الرجوع لكتب و مقالات لا قيمة عملية و لا فكرية لها تحدثك عن المدنية.
الدولة المدنية أساسها -المواطنة- هي الباب الأول لبداية المدنية و انتهاك المواطنة لا يعني سوى أن الدولة بعيدة جدًا عن "المدنية" مهما صورت لك أنها مؤسسة قانونية مؤسسة عادلة مؤسسة نظام. 

سيادة الشعب و مبدأ فصل السلطات و ذلك على الشق المدني/السياسي، و المدني/الاجتماعي يرتبط ارتباط تام مع السياسي إن تمعنت جيدًا و لا ينفك الارتباط أبدًا خاصة في مسألة الحريات، الفردية و العامة، و حرية الرأي يخشى منها كل من له سلطة عليا، و يزيد ذلك إلى الجانب السلبي إن كان ظالم في ذاته، لا يقيم شيء على ميزان العدل.

المواطنة ليست ورقة تسحب و ليست شعارات و لا مؤتمرات استعراض، المواطنة تكمن في الحقوق و الواجبات و في كل التشريعات تأتي الحقوق قبل الواجبات، الارتباط الشرطي في الحقيقة هو ميزان العدل لأن هي مسألة عقد لا أكثر، العواطف لا قيمة لها إن أردت على الأقل أدنى مستوى من العدل و القيمة الحقيقية لوجودك الحالي و المستقبلي. 

2015/04/15

احتمالات التعلّم بمنفعة و سذاجة

التعليم في الكبر، هو الحالة الأكثر تعبًا و الأعمق معرفة. 
طالما سمعنا بل كان و ربما مازال الكثير مؤمن بأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، الحجر لذاته مثير، لا يحتاج لنقش لا يحتاج لتدخل هكذا على خصوصيته، لا يحتاج الحجر بأن يكون بصفة -المحتاج- دائمًا هكذا. و النقش ليس دائمًا حالة جمالية، احتمالات أن يكون شيء عرضي مزعج قلق احتمال كبير.
كانت مراحل التعليم كلها ممتازة، ضمن الخمس الأوائل، كاد أن يستمر ذلك، و لا شيء مقدر له الاستمرار في هذه الحياة، لا أعلم لماذا يصر البعض على أهمية التعليم بربطه بالتفوق الدراسي، لا أذكر مادة واحدة كانت درجتي بها امتياز قد استفدت منها شيء، بشكل حقيقي و فعلي، ربما الحسنة الوحيدة أني كنت أبحث في الكتاب المنهجي عن شيء يثير اهتمامي و اقرأ عنه خارج المدرسة و المنهج و استمر ذلك حتى لم يعد للدراسة المنهجية أي طعم سوى أنها وسيلة للحصول على صك الغفران للمضي في الحياة، ناهيك عن المعاملات الإدارية المزعجة و أنت تجاوزت كل ذلك و تصطبر على كل ذلك بأمل قادم و ذلك التفاؤل الذي يبني فيك النور بشكل ما.
في هذا العمر و المسؤوليات و الاهتمامات يضيق بك الفكر المنهجي في التعليم، تختنق و مع ذلك تستمر في التنفس عل باب هواء عابر يصيبك و تخطو لما بعده، و الأسماك حولك كثيرة، لا شيء منها يجذبك، لا شيء يشبهك، بارتفاع و انخفاض كل الأمور تجري و لا تعلم بأي طريق ينتهي كل ذلك، ألا يمكن أن ترى العقل من قبل بصيرتك و تريحني من ذلك الملل الذي يصيبني و أنا في قاعة لا أنتمي لها روحًا؟ 

2015/04/12

محاولات: شيء يضيع

أحيان إن لم يكن غالبًا في كل ليلة قبل محاولات النوم، أتفكر بكل شيء قرأته، بكل موقف مررت به، متجردة من كل شيء مع ربط كل شيء كما لو أن كل شيء لا يعلم شيء مما حصل. هذا الفعل متعب حتى تشرق الشمس و يضيع الوقت من جديد.
 
دائمًا تظن بأن هذا الموقع في هذه البقعة ليس ما هو مقدر لك، تبحث عن أماكن أخرى لتكون أكثر من مجرد اسم، أكثر من آلة تعمل، أن تعيش و أنت مدرك أنك حر، حر بأن يكون شكلك ما تحب، تأكل ما تشتهي، تختار ثوبك متى ما أردت و تتركه متى ما أردت كذلك، تتفرد برأيك دون خشية من سجن و كذبة العادات و التقاليد، أن تكون بسيط، بسيط جدًا، بعيد عن كل شيء يسرق منك وقتك و جهدك، حوارات ساذجة، أفكار هشة، مشاعر خداعة، صحة متدهورة، تعليم سيئ، موسيقى رديئة و دخان كثيف. تختنق كما لو كل هذا بلونة محكومة الإغلاق و أنت بها تبحث عن منفذ، عن نور..

الخطايا كثيرة في هذا العالم، لكننا لا نذكر شيء منها إن كانت ملك لنا، و تبقى ذاكرتنا تعمل إن كانت لغيرنا، إن كل شيء لمصلحتنا هو الصحيح ما عداه تبريرنا له جاهز و جدي جدًا. اترك كل الخطايا و امضي..
الكتف مثقل بما يحمله من حمل مسبق، الثقل يكسر لا يجبر.

2015/01/30

القرية الظالم أهلها...


إن من المضحك المخجل لو كنت ابدأ هذا المقال بسرد آيات و أحاديث و حكم و مقولات تنبذ الظلم و الظالم، تحث على العدالة و الحق، من المخجل أن يحتاج الإنسان كل هذه الأحرف و الكلمات ليذكر نفسه بسوء الظلم و تعجرف الظالم الذي نهايته دائمًا ما تكون سوداء مهما حاول من يشغل وظيفة تبيض الوجوه السوداء بأن يجمّل الظلم. 

في كل الأنظمة المؤسسية يكون القانون هو مصدر الرجوع لأي تنازع، و الكل يبجل هذه الأنظمة و ما وصلت إليها من أقله مستوى متقدم من العدالة، و يخفي عليه أن لولا وجود هذه -القوانين- لكانت مثل أي نظام مؤسسي يقتات على اسمه لا فعله المؤسسي الملموس. 
القوانين لا تأتي هكذا من عبث، هي نتاج فكر و عرف يشرعه مجموعة ليسري على من انتخبهم و من لم ينتخبهم على حد سواء، لهذا طالما كان السعي وراء المشرع المتخصص فيما يشرع، العالم للنتائج البعيدة و أثر ما شرع، و كتطبيق حي: ارجع لكل القوانين في الأعوام الأخيرة إن لم يكن جميعها هي نتاج رد فعل، شخصنه و محاولات لكسب الرضا من ذا و ذاك، كما لو أن فكرة القانون مرسخة لديهم -حالة مؤقتة- لاستفادة مؤقتة كذلك و استرخاص تام لما بعد ذلك، و أي مشرع لا ينظر للفكر المؤسسي أبعد من محط رجله لا يستحق أن تحاول حتى إصلاحه، البدائل كثيرة و متوفرة.

يمكنك اعتبار القانون محاولات لضبط النظام و العدالة، و كذلك هو طريق  لجعل الظلم قانوني و هذا اسوأ ما يمكن أن يكون للقانون وجود. 

الرجوع لأعوام سابقة قليلة يمكن ملاحظة تردي كل الأحوال هنا، و تردي بانحطاط و انهيار تام على جميع الأصعدة، إن ما نحتاجه هنا بشكل مستعجل هو دراسة من قبل مختصي من علم الاجتماع/الفلسفة/التاريخ/القانون/السياسة بشكل دقيق للوصول لحلول واقعية و متطورة تواكب كل ما يحدث و حدث في هذه الفترة، الأمر إن تجردت من عاطفتك سترى أن لا شيء يمكن أن يقبله عقلك و فكرك لمدى السوء و اللامبالاة و التفاهة المنتشرة، و كتطبيق حي على ذلك تجد هذا في تويتر حتى تجد من يحمل شهادة القانون و هو من يفتخر في ذلك تعريفًا عن نفسه و يكتب بانحطاط أخلاقي لا مثيل له و المبررات واهية. كل هذا التخلف مصدره نحن، نحن و كثير منا تربى و كبر على فكرة العبودية، لا بد من وجود ساده يحددون لك مصيرك و كل شيء متعلق في خصوصياتك -و أصبح الآن التدخل في تفاصيل الخصوصيات- و لا أحد يتكلم، لا فعل لا ردة فعل، الانهيار سريع دون أن نشعر. فكرة التحكم في المجموعة من شعب أو فريق عمل سهل جدًا في فرض مبدأ العبودية، دون احساس مباشر جلي، حتى أن ذلك يستمر دون أن يلاحظ أحد ذلك و يصبح سلوك، و هنا الخطر؛ أن تكون العبودية مثل فعل التنفس أو شرب الماء، كأن إن لم تكن عبد تكون لا شيء يذكر. 

في الكويت و حتى لا نقلل من قيمة أحد -شخصيًا- أو حتى نقسم البشر لانتماءات وهمية، كل المعتقلين كل المتهمين كل من سجن، كل من ابتلى عليه، كل من ذهب طواعية،كل من استغل ذلك لمنافع أخرى،كل من سرق و هو حر في بيته.
هؤلاء جميعهم نحن في دائرة المسؤولية لهم و عليهم، المجتمع ركيزة في بناء العرف و المعرفة، يبدأ كل ذلك في الرفض ثم التخطيط لعمل مخلص لا يفرق أو ينبذ مجموعة ما لأي سبب كان-هذا صعب جدًا في الكويت للأسف لأن كل من يدعي المدنية دائًما ما تجد حدث يكشف هشاشة الفكر-.
في كل المراجع التاريخية المتنوعة، لا شيء تسعى له دون ثمن، و يختلف الثمن باختلاف رد السلطة المعنية في الأمر و لطالما كان للسلطات فكرة -الكرامة- و عزة النفس، و لا تدرك أن لولا الشعب و من على البقعة هذه لما كان وجود لأي سلطة باعتبار الشعب أحد ثلاث مقومات قيام الدولة.

يتغنى الجميع بفكرة وجود القانون هنا، القانون موجود متوفر لكن ما هي آلية تطبيقه؟ التعسف في استخدام الحق، خطأ فادح و ثمنه غال و يخلق حالة من الهلع و الاضطراب على مدى بعيد لا يمكن حتى التخلص منه بسهولة، و القاضي ملزم بنص القانون، لكن ما قبل القاضي و كل تلك الإجراءات التي يتعدى الكثير من صلاحياته المحدودة، على كل من يسعى لدولة مدنية الاطلاع على القوانين و التساؤل الدائم حول الاجراء و التطبيق مع مقارنة بينهما، و قبل كل شيء معرفة ما هو لك و ما هو عليك، و إن استمرت المعرفة في ذلك سوف يتغير الكثير و لن تبقى هذه الخطوط السوداء تدور تصنع لك كرة فارغة تمامًا.

المحزن في كل ذلك أن ترى كل شيء و ليس لديك أي سلطة لفعل خيّر، و لهذا نكتب و هذا أقل شيء يمكن فعله، بل حتى أصبح كل منا لا يرتاح لا من حياته الشخصية و لا على المستوى العام و هذا كله ما يجعل المشاكل اليومية تنشر في الشوارع و الوزارات و المجمعات، هناك عدم أمان حقيقي، و الإنسان حين يشعر بعدم الأمان و الاستقرار يتحول دائمًا لوحش يدافع عن كيانه و يهاجم كل من يقترب و إن كان حسن النية، و عدم الأمان يصيب و أصاب الكثير حتى مع اختلاف المراكز القانونية و إن أنكروا ذلك بكلام منمق و أدعية مكررة. 

لا أعلم، يبدو أن لا شيء سوف يتغير للأفضل، و لست من محبي فكرة حدوث أمر خطير مثل -الغزو- ليعود الجميع للحفاظ على الوطن و ما إلى ذلك من كلام هواء.
الأحداث الخطرة فرصة سرقة و هروب، فكرة ترسيخ وجود البقعة المؤقتة و هذا بحد ذاته كابوس مرعب جدًا.


2015/01/21

مراحل: البهجة وسط رحلة منفردة

أحوال:
عينك تكبر لترى كل شيء يحدث حولك من الحالة العامة إلى الحالة الخاصة، لا يغرك من يثق في قراراته و كلماته، هؤلاء مصدر خطر لهذا مصاحبة المشكك المدقق تخلق لك حالة نشطة من الفكر و النقد الدائم اتجاه ما يمر بك، نقد قيّم لا جلد. حالتك الخاصة وجه حقيقي للحالة العامة، كما لو سلسلة عقد عليك تكملة زينتها لتخرج لك بشكل لائق و جميل.

النفس البشرية حالة خاصة دائمًا رغم إننا نشترك في كل شيء لكن كل منا شيء منفرد.
مهما بدا تشابه حاجاتنا و مهما تصور لك بأننا كائنات واحدة المصير، يبقى الشيء الذي نخافه بأن لا شيء ممن حولنا لا شخص يطابق شيء منا، كل هذا الكون و هذه العوالم و الدول، في تعمق المجتمعات و الأسر، في صلابة و انهزام العلاقات، في بكاء طفل و كآبة سيدة، في احساس رجل تعيس، في ارتفاع شجرة فوق سطح بيت، صوت الماء البعيد صوت الهواء، صوت كل شيء و التدقيق في كل ذلك، لا شيء يشابهك، لا شيء يبقى حتى صفحة كتاب، تقرأ ثم صفحة أخرى من جديد، أين الصفحة السابقة؟ أن تتعمق في تحليل كل شيء و لا تصل لأي نتيجة في كل هذه التصورات، تبقى في العمق و ربما تختنق و ربما تبقى دائمًا في عمق فريد.

الحياة مرحلة، مرحلة لا مراحل متقطعة، نضيّع لحظات لا تعاد أبدًا في أماكن لا نود التواجد بها، في الهوس الالكتروني المرضي، ننسى كل شيء في الزمن حين نكون في هذا التواصل الالكتروني المريب، نجد الأمان نجد الطمأنينة في جهاز كهربائي بحت، الجمادات مهما بدت مثيرة تبقى قاسية، مهما ظننت إنها ذات قيمة تبقى في مقابل ذلك خسارة قيّم أصيلة، هذه المرحلة يجب أن تكون حقيقية، مملوءة بالأخطاء مملوءة بالبهجة.
كل شيء يجب أن يكون ضمن هذه المرحلة المنفردة، كأننا في صندوق و عقلنا و احساسنا هو من يمسك بهذا الصندوق، أن تكون على شاطئ أن تكون وسط صحراء و أن تكون وسط مدينة مشعة مادية تمرض كل مصادر معرفتك و تميت بك الشعور الأولي كإنسان، إنسان دون وسم دون شيء،شفاف.

أكتب الآن و لا أحب مراجعة شيء أكتبه أبدًا، عادة أن الكلام الأول هو الأصدق، و أن المزاح هو قول مخفي، و الكلمات كثيرة و الأفعال محدودة، كل ذلك في دائرة الحياة و الرحلة. أتمنى لك رحلة لطيفة و كلها بهجة.