2009/01/07

بوّاق العيش



نحن بشر نختلف عن بعضنا كثيراً وبمقدار إختلافنا نتفق كذلك
ففي الشتاء نحتاج للدفئ جميعاً لكن الدفئ ومعناه يختلف من شخص إلى أخر
ولا نعلم سبب الحاجة لهذا الدفئ ! لكننا نتفق على حاجتة ونختلف على علته
والأمثلة كثيرة للقياس على ما ذكرته.


الحياة تكون سهلة وبسيطة جداً عندما تعايش من يوافقك على كل شيء ولا يعارضك
ومع سهولة الحياة إلا هناك خطأ ما يصيبها لأن الإختلاف وُلد معنا وسيموت
فلا إتفاق أبداً مهما حصل ومهما فعلنا .. لكن ما الحل ؟ هل نقلب حياتنا كالغابة
القوي يأكل الضعيف والضعيف يصمت خوفاً وجُبناً .

إن الحل سهل القول لكنه صعب التطبيق !
وربما الكثير منا قد إستسهل الحال في بادئ الأمر لكن ما إن يعايشة فعلاً
تتضح له الرؤية إنه لا يستطيع أن يختلف مع الأخر وليس لأنه مجرد إختلاف
فتلك العصبية للرأي والمتزمته للرأي الشخصي تنم عن جهل ومبادئ لا صحة لها
لأنه من الممكن يكون المختلف في الرأي رأيه سليم ومقنع لكن الإعتراف بضعف الرأي
أمر صعب أن يخرج من أي شخص ولكنه لا يخرج إلا من الأقوياء
الذي يحترمون ذاتهم ويسعون إلى الإرتقاء بها لأعلى مراتب من الرقي الإختلافي
وكذلك الذي يجعلك تميز بين الإعتراف بالخطأ والبقاء عليه وبين أخذ تلك المسألة
مسألة أنا فقط أنا صاحب الرأي الصحيح .. بالغض عن صحة موقفة أو ميله للخطأ
وهناك من يعتقد إن الإتفاق يجب أن يكون إتفاقاً مجبراً ومن يحتوي عقلة هذا التفكير
سهل إسكاته بقولك له .. نعم نعم قولك صحيح .. نعم نعم رأيك سديد
لا يهمه أن تكون فعلاً مقتنع بما تقولة فالمهم أن يسمع موافقتك وهذا ما يجعله
يعيش كأنه مَلك العالم لأنه أقنعك لكن مع كل هذا هو يعلم إنك غير مقتنع في كلامه
وكما يقولون تأخذة على حجم عقلة الصغير .



كما يقال تعرف الشخص حق المعرفة عند السفر لكن بعد الآن لا داعي أن
تنتظر لتسافر لتكتشف ذاك الشخص سواء كان بعيداً قريباً وحتى غريباً
فقط جرّبه عندما يطرح موضوعاً أو فكرة تخالفه فيها سواء من حيث المبدأ
أو خلال جزء منها .. وسوف تعرفه جيداً وأكثر إن كان هناك جانب له فيه
سواء كان عائلي / وطني / عقائدي / مذهبي / حركي .... إلخ
سوف ترى شخص أخر أمام ناظريك بل سوف تُصدم بما يقال أمامك الآن
وبما كان يُقال في السابق .. وإن تجرأت وأخبرته بمدى سوء نظرته للموضوع أو الفكرة
و كيف هو خاطئ وكيف أنت تراه وتسرد كل ما لديك من أفكار ووجهات نظر
تظل أنت مخطئاً تريد إجبارة على ما تريدة أنت لكنه لا يعي إنه هو ما يفكر به
فكل فكر يترجم إلى أحكام والأحكام تطبق بالأفعال والأفعال تُطلق على الغير
لكنها تعود عليه بدرجة أقوى مما كان وبطريقة بائسة منفرة كريهة أيضاً




لا أعلم ما المشكلة في عدم إحترام و تقبل الرأي الأخر المخالف !
هل هو مرض ؟ عقل متحجر ؟ إفراض الوجود ؟ إفراض الرأي إجباراً
وإن كان مكرهاً ؟ أم هي فقط مجرد عملية خالف تعرف كما يسميها البعض
ممن إختلفنا معهم .


الرأي الأخر المخالف لا يعني إهانتك ! أو تقليل من قيمتك
أو فكرك وكيفية رؤيتك للحدث .. بل هي فرصة لتبيان وجهة النظر
بزوايا مختلفة ومجرد الإختلاف يعطيك أنت أفكار أخرى للنقاش
والتجاوب مع من إختلفت معهم ويعطي المتابع رؤية واضحة كاملة
للجانبين من الرأي فأنت تستطيع أن تَجْذب أي شخص بحسن إستخدام
ألفاظك وأسلوبك في النقاش مع من تختلف معه وحتى تستطيع أن تجعل
من يخالفك يحترمك ويقدرك ويراك أفضل منه في مسألة الإحترام للأخر
لكنا للأسف نأخذ المحور كله من يهاجم ! من يفوز ! من يسكت الأخر
كأننا في حلبة مصارعة الفرصة تأتي مره للهجوم ومره للقصف
ومرة لرمشة العين ومرة لذاك الجسم الكبير القوي الذي أغلب ما يكون
فارغ داخلياً ممتلئ خارجياً وبين الداخل والخارج هواء .



تخيل لو إختلفت مع صديق لك أو ولنقول بصورة أوضح زميل لك
في العمل في مشروع ما أياً كان .. لكن هناك علاقة زمالة وإحترام تربطك به
وما إن إنتهيت من مكالمتك معة التي فشلت في تحقيق أي هدف راقي
سواء كان منك أو منه لا يهم .. ولا أريد التركيز هنا من على صواب ومن على خطأ
لكن لنأخذ الفعل بعد ذلك .. تخيل كنت أنت على صواب أو كنت على خطأ .. كما قلت لا يهم
لكنك بعد إنتهاء المكالمة .. قمت وألغيت الرقم والإسم الُمخزن في جهازك لبيانات هذا الشخص
أنت لا تعلم لماذا ألغيته .. لكن فقط لتشفي غليك ولكنك تعلم إنه عندما قمت بمسح البيانات
من هاتفك قمت بمسح مرئي فقط .. فالإسم سيظل والرقم كذلك وكل ما دار بينك من كلام وجدال
لا ينسى ولا يختفي بإختفاء رقم وإسم ..

وثم بعد إلغاء البيانات .. تتصل على زميل أخر لك وتظل تشكو له ما حدث لكم
وبالصدفة وما أجمل الصدف أن يكون هذا الزميل لا يطيق ذاك الزميل أو حدث بينهم
سوء تفاهم ويكون ذاك الزميل مختلف عن هذا الزميل في أي شكل من الأشكال
فكراً .. إنتماءً ... إلخ من الإختلافات الكثيرة .. فيقوم هذا الزميل ليضرب
ما يريد وكيف ما يريد ويعلل أفعاله بما حدث مع الزميل الأول ومعك كمثال
ودائماً ما يصادف أن يكون هذا الزميل كالحشرة المنتشرة في الأرز والذي يطلق عليها عامياً
بوّاق العيش .. وظيفته تدمير ونشر الرائحة الكريهة فيه وهذا الحال الكثيرين مما يتواجدون
بعضهم أمامنا وبعضهم يطعوننا في الخلف يختلفون في الطريقة والأسلوب
ويتفقون على الهلاك وسحق كل ما هو جميل وممتع .


الإختلاف لا يعني الكراهية ولا يعني الحب .. الإختلاف أمر وارد في حياتنا
ولا مفر منه وإن كنت تتفق مع شخص ما فسوف يأتي يوم تختلف معه
ومن تختلف معه سوف تتفق معة يوماً ليس لأن لا مبدأ لديك وليس لأنك
لا تعرف ما تريد .. لكنها الحياة توضح لك الأمور وعليك أن أن تحللها
تفندها بروية وتفكر بعقلانية لتصل لممر يجمعك مع الأخر تحت ظل الإختلاف
المحترم الراقي والإتفاق العقلي الواقعي .. وسنظل نختلف حتى ينتهي العالم
وسيظل الأغبياء يتهافتون على من يهجم ومن يدافع ومن ومن
ويظل الأذكياء هم فقط من يستفيدون من الإختلاف لإكمال مسيرة الحياة
تحت مظلة الإختلاف لا يعني التوقف عن قبول الأخر والرأي المعاكس .


أخيراً .. هنيئاً لمن يبحث عن طريق سير للتعايش مع المختلف
وفرض الإحترام المستحق وأسفاه على من يجعل الإختلاف طريق
ليبن مدى تخلفة وجهلة ورؤيتة الضيقة المظلمة .

:)



هناك 18 تعليقًا:

حياتي هدف مو عبث يقول...

مادري ليش وقت الامتحانات الكتابة تصير سهلة وسريعة ;)

As YoU LiKE يقول...

المهم لاتعصبين :)

تقبل الرأي الأخر صعب عن البعض، فقط لظنهم بأنهم هم من يملكون الرأي الصحيح، ولا يفرض التنازل عنه حتى لا يظهر بمظهر الخاسر امام الآخرين.

اما بواق العيش .. خوش اسم حق الكلكجي :)

Corpse Bride يقول...

الاختلاف وارد..بس ليش الكره؟؟


لا فض فوهك ولا عاش حاسدوك..

اتفق معاج بكل الي قلتيه..

مبدعه اليوم.. اللهم لا حسد..هذي الامتحانات وما تسوي..

شدي حيلج.. وبيضيها..

Love Moments يقول...

في اشخاص لما تبينلهم انهم غلط يتفهمون او يقتنعون اذا عطيتهم الاسباب وحتى لو بعد فتره طويله

بس المشكله بالناس اللي مايقتنعون كلش ولا يتقبلون اي رأي اخر فانا عن نفسي اخليهم ولا اعور راسي معاهم

ولا تعورين راسج معاهم ;q

Q8EL5AIR يقول...

اختصرها بقولة الشافعي :-

" راي صواب يحتمل الخطأ ... وراي غيري خطأ يحتمل الصواب " ...


الرسول- صلى الله عليه و سلم - كان يناقش الكفار على ويجادلهم ويسمع لهم باريحية واخلاق وتسامح .. وهمه الوحيد هو هدايتهم للصواب ..

واليوم اصبح همنا الوحيد فرض الذات والغلبه !!


وتحياتي ..

ويسلموااااااااااااااا :)

Shaima'a Alkandari يقول...

وجهة النظر ماتفسد القضيه كلش


وبعدين الاختلاف شي وارد وماراح نطلع بافكار او نستوعب شي ونتقدم ونقدم الافضل اذا كانوا كل البشر متفقين

الاصابع مو سويه يعني الحين باختلاف الطرف الثاني معاى يمكن ينبهنى او يوضح شغلات غافلين عنها والمفروض نستفيد منه

استغرب من اللى ينظرون لكلامناعلى الرغم من صحته على انه خاط وتصير نجره ومشاده وساعات عليان الصوت يجوز لان هالانسان مايحب احد يقول له ان اهو خطأ ومايبي يبين انه موفاهم او كلامه فيه من الخطأ
يعتقد انه محد يفهم او يعرف غيره وهذا غلط


حتى لو اختلفنا بالاراء فعلينا ان نستمع ونحترم وجهة النظر ونقتنع باللي نشوفه صح

@alhaidar يقول...

الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ..

عبارة يرددها الكثيرون لكن قلة من تلتزم بها ..

موضوع عقلاني جدا جدا أختي .. مبدعة كعادتك ..

عندي سؤال اود توجيهه ولكني متردد بصراحة .. لكن اعلمي أختي أن الله يشهد بما في نيتي من خير ..

لو رأيت شخصا على الانترنت - لا تعرفينه خارجها - ولكنك تتلمسين منه الخير الوفير لهذه البلد والمة يقع في خطيئة كبرى دون ان يشعر .. وودتي ان تنصحيه دون ان تجرحي شعوره .. كيف تتصرفين ؟
بصراحة لي أخت في إحدى المدونات ساهمت في مشاركات طائفية صدمتني ..وانا متأكد ان نيتها حسنة ولا تقصد أن تثير الفتنة التي هي أشد من القتل .. ولكنها بكل أسف وقعت في هذه الخطيئة .. وربما فعلت ذلك من باب التعبير عن الرأي لا أكثر .. ولكن كما تعلمين أحيانا للكلمة مفعول الرصاصة ..

أسألك أختي لأني أثق بإخلاصك في ردك الكريم .. ولأنك ستكونين أقدر مني على مخاطبتها لعدة أسباب ..

والله ولي التوفيق ..

Alikingkw يقول...

الحمدلله على نعمة الاختلاف فهي نعمة
رائعة لا خلاف عليها.

ولكن شروط الحوار هي الشيء المفتقر في مجتمعنا.

فنجد الكثير عندما يدخلون في النقاش نجدهم اما ان يكونوا ناصحين واعظين أو مهاجميه شرسين.

ولا أقصد أن اقلل من اهمية النصح أو الموعظة ولا أرفض الهجوم رفضا مطلقا.

أرغب فقط أن أوضح ان الطرفين في النقاش هم من يجب أن يتجردا من معطياتهما الفكرية-الانتمائية...الخ ويبدءان من الصفر حتى يصلا معا الى اتفاق أو اختلاف متفق عليه في الموضوع.

وكما تفضلت في رسالتك قد يبدو الامر سهلا ولكنه صعب جدا في الحياة الواقعية. لأنه يتطلب ميولا شديدا الى العقلانية واستبعادا للعاطفة، لكن البشر في الغالب يفكرون بقلوبهم أو يشعرون بالآراء ثم يحكمون عليها، ويفترضون خطئها قبل فحصها والأفضل برأيي أن نفترض صحتها ثم نفحصها.

أبو لطيف يقول...

جزاك الله خير

اعتقد يجب ان نتعلم بان الكثير من الامور يمكن ان يكون فيها اكثر من راي صحيح
وذلك باختلاف طريقة النظر للموضوع

وفقك الله

وحفظك ورعاك

حياتي هدف مو عبث يقول...

As YoU LiKE

مو معصبة :)

وعاد يا كثر الكلكجية ! :)

حياتي هدف مو عبث يقول...

Corpse Bride

الكرة غالباً يكون سببه خلل في تركيبة وعقلية الشخص :)

لا الحمدلله اليوم المتحان كان عال العال
:P
مشكوورة :))

حياتي هدف مو عبث يقول...

violeta

احب عواار الراس شسوي
:P
حياج الله :))

حياتي هدف مو عبث يقول...

Q8EL5AIR


أه أنت قلتها الرسول صلى الله عليه وسلم
ووين ويين

الله المستعان :)

حياتي هدف مو عبث يقول...

Shaima'a Alkandari

بالضبط :)

حياتي هدف مو عبث يقول...

أحمد الحيدر

تسلم ما تقصر :)

والله لو أنا مكانتها أفضل أن يتم نصحني مو على الملأ ممكن ترسل إيميل وممكن اترد عليها بطريقة ما تجرح فيها
وممكن تقولها اشكرة لكن بحب وأدب
يا فلانه هذا اللي تقولة غلط وغلط لأنه كيت وكيت والصراحة زينه
ودام إنها تؤمن بحرية الراي
فعليها تقبل كلامك وتذكيرها بحرية الراي كما تزعم

واعانك الله :)

حياتي هدف مو عبث يقول...

Alikingkw

كلامك جداً سليم :)

حياتي هدف مو عبث يقول...

ابو لطيف

واياك يارب
كما قلت الكلام سهل والتطبيق صعب
وربنا يعين

@alhaidar يقول...

مشكورة على النصيحة أختي وما قصرتي :)

هذا العشم فيج جزاج الله ألف خير ..

فعلا النصيحة في العلن فضيحة ..

بس عاد تصدقين توني ادري أقدر اعرف الايميل من ملف التعريف الشخصي .. حدي جاهل بهالأمور مو ؟ :)))

مشكورة مرة ثانية أختي وما تقصرين ..

:)