2013/01/19

تويتر كويتي مجرّد

أجمل الدروس التي تتعلّمها ليست من كتاب ولا من حديث الناس،التجربة هي معلّم أصيل لدروس قيمة وتجربة ثريّة من القيّم والأفكار والنقد الحقيقي في اتخاذ كل شيء حولك في النقد الفكري دون لبس عاطفي وميل مصلحي.

المتابع الجيد بل لنعيد صياغة المفهوم جيداً-الملاحظ-جيداً لحراك المجتمع-رغم إيماني أن الحراك أكثره خطوة للوراء- سواء الفكري،الديني،السياسي،الإقتصادي والإجتماعي أيضاً يدرك جيداً الأفكار المتداولة بين الناس ليس فقط اطلاع على ما تتم كتابته في -تويتر- باعتباره أداة تواصل سريعة جداً بل كثيراً ما تكون سرعتها في الجانب السلبي لاعتمادها على ردة فعل لا صنع فعل حقيقي-يمكنك ملاحظة ذلك في المواضيع التي-تناقش-إن اعتبرناها نقاش في تويتر.

تويتر حفرة عميقة جداً لم يتم استغلالها للمصلحة-العامة- باعتبار مدعي الحرية السياسية،الفكرية مدافع شرس عن المصلحة العامة-مع إيماني أن لا حرية عامة دون حرية فردية- عادةً هو يستغل مصطلح-مصلحة عامة-لأن في ذلك جهد أقل في الاجبار-رغم أنه في ظاهره اختيار-على تبني الفكرة لما لها من خصوصية مجتمعية،فلو أخذها من-مصلحة فردية-والمصلحة هنا-قيمة الحرية-هو يعلم أن لن يجد صدى ولا تفاعل لما يقول ويفعل،لأن في أساسه المجتمع-لا يؤمن حقاً-في الحرية الفردية،يراها عار وضياع وقت وحرب ضد الدين والدولة.

مفهوم الحرية-الفردية-غائب عن الكثير ممن يدعو -للمدنية- هنا،أصبحت كلمة دولة مدنية،مجتمع مدني برستيج الحوارات بامتياز،هم لا يدركون-معنى المدنية- فقط ترديد لتكملة فراغ الكلمات،لا نلومهم فهم مازالوا في مراتب الاطلاع-الشكلي- للمفاهيم والمصطلحات مع تطبيقها تطبيق نظري وتسميع شفوي-ظناً-منهم أن الإكثار من سرد المصطلحات مؤشر على الفهم والعلم،رغم لو أنك تسألهم لن تجد جواب سوى لعبة اللف والدوران بمزيد من المصطلحات والمفاهيم التي-مرة آخرى-يتم ترديدها للحشو فقط.

التجارب الفكرية بمختلف توجهاتها من فكر ديني،علمي،سياسي،اقتصادي أو حتى إجتماعي وغيره كثير،هو في ذاته مرحلة عميقة للتعلّم والتطوّر مع اجتياز ترديدها للعامة والخاصة،أيّ لا يمكن-الأسباب لاحقاً- اختزال -كل حياتك- في سردك لتجربة واحدة فقط مررّت بها،كأن الكون توقف على هذه التجربة-أغلبهم يعاني من الأنا- لأنه مازال يعيش في أنا مررت بتجربة ويتوقف،رغم أنه يجب أن يمضي في حياته لمزيد من التجارب ولا يركن لتجربة واحده-الأغلب أيضاً-تجاربه ليست بتلك التجربة الحقيقية بل مرحلة طبيعية من الحياة-الطبيعية- التي يعيشها الأغلبية،فلا ترتفع لمفهوم التجربة الحقة،انظر لمن يكرر عليك قوله-أنا خضت تجربة- ويذكرها لك ثم لا تجد أنه قد استفاد شيء منها-لأنه مازال يعيش فيها- لم يتحرك ويتقدّم.

مع كثرة الاهتمام-الإنساني-الحاصل حالياً في الكويت-تحديداً- لأنه لو أردنا ضم دول الخليج والدول العربية والعالم ما استطعت -اختصار- ذلك في تدوينة واحدة،وهذا الإهتمام-الصوري- لن تراه على حقيقته وأنت تجلس وتكتب في-تويتر- عن الحرية والحقوق الإنسانية،بل أغلب من يكتب في ذلك-عن معرفة وتجربة واقعية وتعامل شخصي- يكتب لإبراء ذمة أمام متابعية ولجذب عدد أكبر منهم،ومشاركة للدارج من مواضيع متداولة،وكما قيل في الأمثال القديمة"مع الخيل يا شقرا"،وفي تطبيق ذلك تجد المهزلة الفعلية وكيف أن الكلمات رخيصة وأن ما يكتبه المرء أصبح دون وعي وإدراك،-يمكنك الاطلاع على ما يتم كتابته في تويتر من المواضيع المتداولة وتستطيع الربط بينها وستجد العجب بها ولها.

هل لي باعتراف صغير؟
تويتر موقع سطحي جداً،رغم أن هناك عدد قليل جداً من يستخدمه جيداً،لكن الأغلب غير قادر على استيعاب شيء،يظن أن تويتر مصنع الأبطال،لهذا تجد أغلب ممثلي المثالية لهم مساندين كثر،لأننا نعيش في افتراض حقيقي لعالم واقعي غير موجود،هو يكتب ليهرب من نفسه،ليكمل نقصه-الطبيعي-في تصطنّع مثالي أمام الآخرين لينام براحة بال وضمير مرتاح.

اعتبر تويتر سجل للأفكار الطارئة،أما التغلغل في المفاهيم والمعاني تحتاج أكبر من تويتر وعدم مبالاة المتابعين،مع ملل سريع لوجود أرقام متواصلة من الكلمات،
مع السرعة في اقتباس مواضيع أغلبها بتجرّد-تافهة- ولا تصلح في ذاتها للتعمق الفعلي.

للأسف،تويتر صنع أصنام بشرية جديدة-كما لو إننا لم نكتفي بما لدينا سلفاً- فتلك النائمة في الأسواق والغارقة في الماركات-البحث عن الصورة قبل الأصل- أصبحت تحدثنا عن الحريات والفقر والظلم وتتباكى على-تفاهة-أي شخص لا يعجبها ميله لانتماء ما،فتضربه بفراغ معاني بألفاظ شكلية صورية-غير مفهومة-للسياق ذاته.

من الملاحظ أيضاً حين تُحدّث أحدهم عن شيء ما،يقولك انزل للواقع،اذهب للميدان،لأنه يعتبر الحياة والأحداث ملك له هو فقط فيظن أن على-الجميع-التسليم له ولكيفية الحل الطارئ،للنزول للواقع والميدان،عليك أولاً وضع مشروع واضح ومتاح للجميع ويسع كل الاختلافات الإنتمائية-بتنوعها- ثم أن أنجح المؤثرين هم في الميدان-الفعلي- ومن ذلك اخلاصهم في العمل،عدم التغييب بتمارض،معاملة الآخر برقي أخلاقي وغيرها من الأمثلة التي تسوى-الميدان-الافتراضي لتوجه-غير واعي-لعمق الحياة،فحصر فكرة في مجموعة معيّنة.

تويتر مهما له أثر في أي حراك،يبقى غير حقيقي لأن من يستخدمه يخفي حقيقته،وسترى ذلك إن جرّدت عاطفتك،لاحظت جيداً،وتشغل فكر عقلك نقدياً،غير ذلك اتباع حتى تضيع هويتك وتصبح ضمن قطيع يُقاد إلى الهلاك.

ليست هناك تعليقات: