2012/10/11

رقابة عقلية؟ فقط اليوم،لا تفرح!

النسخ المتكررة تؤدي تلقائياً لموت المُجتمع!

هل أردت فعل شيء وتم منعك بحجة واهية! الحجج لا وجود حقيقي لها إلّا ما نضعها نحن إن كانت أخلاقيّة أقلها،أما الدينية والإجتماعية نتوارثها،بل حتى الأخلاق لن يكون لها وجود إلّا ضمن مجموعة،وتختلف كُل مجموعة بوضع هذه الأعراف الأخلاقية الغير مكتوبة غالباً.

في التدوينة السابقة عن الخطوة الأولى وهي الحرية الفِكرية،لم يكن في تفكيري إني سأُكمل ذلك في موضوع الرقابة على الكتب،فأنا ضدها تماماً في الماضي إلى اليوم وأتمنى في الغد أيضاً،أرجو أن لا تُفسر شيء على ظنك! أو كما تُريد،لا يهم!

بداية الفِكر هو مساحة الحريّة التي تُبنى في عقلك،بدايته تأمل وتساؤل وبحث وشك،كيف هي البداية الحقيقية التي تنطلق منها؟ القراءة!
القراءة روح لا تموت،روح خالدة،تسقي الحيّ ومن قبله الميّت والذي سيولد،هذه هي القراءة!

هل الرقابة لها حدّ؟
إنّ من أقبح الأعذار التي يستخدمها من يُطلق على نفسه رقيب،هو إعتقاده بأن المجتمع يحتاج وصاية أخلاقية في اختيارات قراءاته،رغم إن الأخلاق نسبية وتختلف من مجتمع لمجتمع فما بالك في كُل فرد منهم،لا أُحب استخدام الأخلاق عذر لأي فعل ضار أو نافع حين يتعلق في تعامل مجتمعي لا فردي،نعم،الفرد جزء من المجتمع،لكن الوصاية المُجتمعية هي قيّد قاتل للمجتمع وأفراده بطريقة لا يُنتبه لها جيداً،لأن من يفعل ذلك يربطها بأقوى ربط في حالة الإنسان النفسية وهي الحالة الدينية،التي تكون نبض حيّ في جميع الإستغلالات لرجال الدين،السياسة والإعلام.

رُبما يكون موضوع الكتاب الذي يُراقب ويُمنع ليس بموضوع ديني،رُبما سياسي،إجتماعي،تعليمي،جنسي وغيرهم من مختلف العلوم والقراءات،في المنع السياسي كأن ذلك الكتاب سوف يقلب الدولة لفوضى،رغم إن الدولة فوضى في حقيقتها لكنها مازالت على أخر خطوة وكُل ما هو ممنوع في هذا الكتاب السياسي تجد أقواله ونقاشاته في المجالس ذات الخصوصية والآن خرجت للعلن دون أي اهتمام،ومع ذلك تجد من يتناقش في ذلك،هو من المشجعين لمنع الكتاب،ما أكثرهم.
في الكُتب الإجتماعية والتعليمية وحتى الجنسية تجد إن الحديث عنهم طبيعي في حقيقته،وحتى الكُتب تناقشها بطريقة ذات قيمة حقيقية لا معلومات مغلوطة ووعي منخفض في الفهم المنطقي في هذه المواضيع السابقة.

الكُتب التي تناقش فكرة الدين،الرسل والأنبياء،الصحابة،الملائكة وفي أعلاها الخالق!
لماذا تُعتبر إهانه؟كما يصورّها البعض لنا؟ هي فكرة عميقة برمجية توارثت عبر أجيال وقرون وهو الخوف من التفكير،الخوف من مناقشة آية،حديث،موقف تاريخي،وفكرة وجود الله! هذا الخوف أسقاه رجل الدين المنتفع من القطيع اللافِكري المتزايد،كلّما زاد سيطرته كُلما زادت قيمته وأصبح القائد والمتحكم الفعلي حتى في أبسط الأشياء وكله باسم الله!
أعمق التجارب الفِكرية بدايتها الفكر النقدي في مناقشة أمور ورثناها منذ طفولتنا،تعلّمنا افعل هذا،لا تفعل هذا،دون معرفة السبب وإتاحة فسحة عقلية للأخذ والعطاء الفلسفي الذي هو صفحة بيضاء في بداية الحياة،تحديداً في السعي وراء الحقيقة في طفولة بريئة،يُدنسها المجتمع باسم الدين والله بحرام وحلال،وأغلب ذلك هو عُرف مجتمعي لا علاقة دينية حقيقية فيه،حين تبدء في تشغيل عقلك وتتسائل عن كُل شيء،هُنا أنت إنسان حيّ!

انظر للطفولة المُغتصبة باسم الخالق والدين،شاهدت سيدة تنهر ابنها لفعل خاطىء فعله،تقول: سوف تدخل النار!!
هل تخويف الطفل من نار جهنم سوف يخلق منه طفل سوي؟طفل عطش للمعرفة والعِلم؟إنسان لابد أن يُخطىء ليتعلّم!
كُل شيء يفعله سيكون خوفاً من النار!
الخوف فشل ودمار! مازلت أتسائل لماذا لم تخبره افعل هذا (عكس فعلته) لتدخل الجنة!

أي كِتاب تظن إن به إهانة لمعتقدك وشيء تؤمن به،إما تكتب كتاب جديد تُبيّن وجهة نظرك بالحجج والبراهين،إما اللجوء للقضاء وهذا فعل سليم مائة بالمائة،لكن هو اختيار الضعيف الذي لا حجة له ولا بُرهان يستطيع الإتيان به!

كيف؟
كيف يستطيع الرقيب معرفة إن كان هذا الكِتاب يُعتبر إهانة للدين،المذهب،القبيلة،الدولة وغيرها كثير،ما هو المعيار الذي يقيم عليه المنع؟
يستطيع بلا شك إعطاء ألف معيار وتبرير للمنع،ازح عاطفتك الدينية والإجتماعية والسياسية سترى هذا هراء واستخفاف بقيمتك كإنسان عاقل بالغ وحُرّ في صنع خيارات حياتك ومنها اختيار ما يُناسب مكانة عقلك وحاجتك للقراءة.

مع هذا التطور الهائل والسرعة التكنولوجية لا أعتقد هُناك حاجة لوجود أي رقيب على تواجد أي كِتاب في الدولة،نحن وصلنا مرحلة متقدمة جداً من الحصول على كُل ممنوع بثواني.
فمهما كان الرقيب هو يُمارس رقابته في مجتمع ممارس ممتاز للنفاق الأخلاقي والدعوي،وفي ملاحظتي لمواقع التواصل الإجتماعي تجد إنه لابد أن يُفضح كُل مدعي الفضيلة والمراقب الذي يظن إن هذا عمله في الحياة بل يقع في تناقضاته،والمثير إن مازال هُناك من يُقدسهم ويدافع عنهم بشكل مرضي ومقزز! تخيّل رقيب يمنع عنك كتاب ما بحجة إنه يحتوي على مقالات مسيئة لأحد الأنبياء-على افتراض-ثم تجد عنده هذا الكِتاب بين يديه! ما هو جوابه حين تسأله؟
سيكون واسأل بنفسك،إن هذا الرقيب يميّز الحق من الباطل وهو يقرأ هذا الكِتاب ليرد على الكاتب-وهو لا يرد على سؤال في تويتر- وإنه هو محصن عقلياً ولن يزيغ قلبه وعقله عن مسار الدين والصحة الفِكرية في نظره! هذه أكبر إهانه لك إن سمحت له بقول ذلك دون ردعه وتبيان حقك في ممارسة دورك الطبيعي في بحثك عن أي حقيقة تُريد الوصول لها،دون واسطة عقلية وكأنك لا تملك عقل بل صندوق قديم متهالك!

أنا مع حريّة القراءة وبيع الكُتب،أياً كانت هي،ذلك سيكون عامل أساسي في خلق جو ثقافي حقيقي،وسعي للمعرفة دون قيّد وتخوّف،سنرى الكِتاب يُقرأ فعلاً،ولا يقيّم من عنوانه أو اسم مؤلفه،بوابة الإطلاع مفتوحة للجميع،وثراء علمي،أدبي فعلي سنراه،وإن كُنت لا تسمح بذلك،لديك أطفالك ومن هم ضمن مسؤوليتك أن تمنع عنهم ما تُريد،لكن أنا لست ضمن مسؤوليتك بأي شكل من الأشكال لتوقع علي افتراضاتك العقلية والدينية في وجوب الصحة والخطأ فيما يجب فعله وعدم فعله! وإن كُنت تظن ذلك،أرجوك حين يقوم خالقك في معاقبتي لفعل ما،أكمل جميلك وإحمله عني! كما تريد فعله الآن!

وجود رقابة لا يُعرف أشخاصها للجميع،ولا تُعرف الكُتب الممنوعة وعلّة منعها،وما هو معيار اختيارهم؟
وماهو القياس الذي يُعمل به للمنع؟
وكثير من الأسئلة التي ستكون إجابتها غير مقنعة عقلياً لا عاطفياً،وسوف يميل له أصحاب العواطف والمُبرمجين وأصدقاء الوعي المنخفض ومقدسي الأصنام البشرية والوهمية!

كُل كتاب تم منعه،يمكنك الحصول عليه أونلاين،والمنع اليوم بيد هذا الرقيب وغداً المقص الذي يقطع عنق الرقابة بيدنا.

ملوحظة: كتابة البوست من الأيفون واسترسال عفوي،لا تُدقق كثيراً إلا في ماوراء الصوره،فهنا الهدف!
كان هذا البوست أمام البحر وهواء لطيف واستكانه شاي ليمون بصحبة والدتي الغالية.

ليست هناك تعليقات: